فى حضرة المهرطق الاكبر
على ضوء لقاء قنا الحُرة بالقذافي
فى الحقيقة حاولت اليوم وانا اشاهد لقاء قناة الحرة التى تبث من الدولة (الوِحشه) ان اسجل أى إعتزاز او فخر بقناعة او حديث هذا المهرطق سواء على صعيد حديثه السياسى او الإجتماعى او بخصوص ثقافته ورؤاه. حيث اننى فشلت كليةً ان ارى اى نوع من الحِكمةِ او العقلانية اوجزء ولو يسير من رجاحة عقل حين نعلم ان بالعمل السياسى لابد من الإلتزام بمبادىء الإنسانية وبالعقلانية كشروط اساسية. قد اتهم بالتحامل عليه ولكننى لجأت لأن امسك بقلمى لأسجل رأى الشخصى فى هذا المهرطق الذى يحكمنى بقوة الحديد والنار…
فى البدء احب ان اؤكد بأن نجاح اى نظام لا يقاس بعدد الكلمات او الشعارات الجوفاء او بإلادعاء بنجاحات خيالية لا تمت لارض الوقاع بأية صله. وإنما بما يتحقق من إنجازات بجميع النواحى. لتأتى الديمقراطية فى مقدمة اى تطور منشود. ان سياسة الحوار الوطنى المُنعدمة فى ليبيا وما شابها من إعتقالات وإعدامات وتصفيات حدثت خارج نطاق القانون وما عايشناه من إضطهاد وقمع وتنكيل لو اكبر دليل على فشل ديمقراطية القذافى التى يدعى اليها والا لما قوبلت بالرفض والتنكر لها. إن الحوار الديمقراطى إن لم يُبنى على الشفافية وعلى تقبل الطرف الاخر مع تقديم جميع الضمانات للرأى وصاحبه وعلى حرية التعبير فأنه لا وجود لشىء يسمى بالديمقراطية البتة..
لا يخفى على اى كان ما وصل اليه حال البلاد على الصعيد التنموى من افقار وتجهيل ومرض وانهيار البُنى التحتية كخطة متعمده. الامر الذى يشير بأصابع الاتهام الى القذافى وحده ليحملة المسؤلية كاملة وبحالة التأخر التى وصلنا اليها..
عودة الى موضوع الديمقراطية فأنه من المُلاحظ ومن الناحية النظرية فأن الشعب يمارس سلطته بالمؤتمرات الشعبية التى تم مقاطعتها من ابناء الشعب حين باتت لا تمثل طلباتهم ولا تعمل على تنفيذ قرارتهم ولتصبح تمثيلاً وتدجيلاً بأرض الواقع حين يشاركون حاملين ميراثاً من صراعهم مع من بيده سلطة القرار الفعلى الا وهو القذافى نفسه, فى حين لا تُسمع اصواتهم للقضاء على الفساد او لمحاربة الفقر الذى يسرى كالنار بالهشيم ولا للقضاء على الرشوة والمحسوبية ولا للقضاء على الامراض ناهيك عن مسألة الحريات ومدى توافقها مع الديمقراطية المزعومة حين يزج بأغلبية ابناء الشعب بالسجون او حين يعلق افضل رجالات ليبيا على اعواد المشانق دون وجه حق. لاشك ان هذه المسائل جميعها مطروحة ومعلومة للقذافى ولا تخفى عليه. اربعة عقود ولم يحرك الشعب ساكناً نحو الديمقراطية ومازال النظام التسلطى يعمل من خلال اجهزته القمعية على صيانة الاذعان الجماعى ليبقى المشهد السياسى متميزاً بطغيان نفس السلوك المتبع والرقابة وتأجيل الديمقراطية الموعودة.. سؤال يفرض نفسه بهذا الخصوص وهو اذا كانت ديمقراطية المؤتمرات الشعبيه تعنى للقذافى ممارسة الشعب للسلطة لينتهوا الى إختيار ممثلين له بمؤتمر الشعب العام حيث يتم تغييب إرادتهم وتغييب حضورهم وليتم إقرار قرارت مخالفة للارادة الشعبية فما الفرق بين هذا النظام وبين نظام الانتخابات بالانظمة المعابه من قبل عقله الخارب ؟
يبدوا الامر غريباً حين نتحدث عن الديمقراطية وحين يُسهب كبير الكهنة بالتحدث عنها ناسياً اهم اداة من ادواتها الا وهى حرية التعبير والرأى حتى ان اللقاء لم يشملها ولم يتطرق اليها. تمنيت ممن اجرى اللقاء لو انه تطرق الى موضوع محاربة القذافى للسلطة الرابعة المغربية وكيف ان يقوم بمقاضاة ثلاث صحف بها لانه لا يؤمن بحرية الرأى ولا بالتعبير ولا لماذا قام القذافى بإغلاق القناة الليبيه ووأد برنامج (المقندل) ولا لماذا تم إلغاء عدد لا يستهان به من المجلات الألكترونية ؟ او كم عدد الصحف الصادره بالجماهيريه السعيده ؟
فى معرض تطرقه الى موضوع عدم النضج السياسى للشعب الليبى, الذى هو احد ابناء الشعب العربى الذى شمله القذافى, اعطى عدم النضج السياسى للقذافى سبباً مُقنعاً للتدخل بحماية الشعب من عبث العابثين وكأن الشعب معاق او متخلف عقلياً لتتم الوصاية عليه لحين يتم نضجه السياسى. ليبرز سؤال مهم يطرح نفسه بقوة العقل والمنطق الا وهو متى يتم هذا النضج ؟ وماهو تعريفه ؟ وماهى حدوده ؟
الشرعية الثورية وما اتت به من هدف إخراج البلاد من التبعية وتحقيق التنمية والإندماج الإجتماعى والتكامل الوطنى وبناء الدولة العظيمة إنما حققت اضداده .إنجازاتها ادت الى الاستفراد بالسلطة ممن قام بالثورة ولتزداد الدوله تبعية وضعفا وفقرا وانقسام المجتمع الى طبقات.. لا ننسى محاربة الدولة للحزبية بالممارسة السياسية تحت ذريعة الديمقراطية اظهر الحزبية القبلية التى عبرت عن تلاحم احد القبائل التى يتبعها القذافى للجهة الحاكمة ضد غالبية كاسحة مقموعة هى الشعب بالعموم الى حُرِم من جميع إمتيزاته . فشل جميع الوعود التى اتى بها لتحقيق الامال ادى الى مزيد من التسلط ولممارسة كل انواع القمع والاضطهاد ضد الشعب ليقوم بما قام به المستعمرون إن لم يكن اكثر ولينقلب القذافى ضد الشعب بأنقلابه.
اضواء على بعض الاسئلة التى وجهت اليه:
تم توجيه احد الاسئلة اليه بخصوص كيف تكون تجربة الديمقراطية القذافية نهاية المطاف إذا لم يتم لها الانتشار وغير مطبقة سوى فى ليبيا ؟ ضحكته المتهكمه بينت عجزه عن الرد وعن إفتقاره للرد المنطقى حول ما إذا كان القصور من عجم إنتشارها يرجع الى تقصير بالدعوة لها ام لفشلها حين اعرض عنها الجميع بألاغلبية الساحقة حين لم تحقق اى نجاح يمكن ان يلفت النظر اليها ؟
سؤال اخر كان فحواه لماذا العالم العربى معزول من التغيير الذى بشر به القذافى عندما سينهار الهرم الذى (سيتفطح) من كونه هرم حتى يصبح مستقيم ومن ثم دائرة (كيف لا اعلم) ليصل بتناقضه الى ان المُشاركة الشعبية بدأت بتعدد الاحزاب لتقضى على الانظمة الشمولية ولتنخرط الشعوب بمؤسسات المُجتمع المدنى لدعم البرلمانات. عجيب امر هذا الرجل من سبع دقائق بالتمام كان ينتقد البرلمانات ويزكى من تجربته الفريده. فأذا كانت البرلمانات ومؤسسات المجتمعات المدنية اداة الشعوب بالتغيير لما قام بالقضاء عليها وبمحاربتها وبالتقليل من شأنها ؟ حين اعاد الصحفى السؤال لما العالم العربى معزول من التغيير كأشارة ذكية منه الى ان معظم الدول العربيه تخضع لانظمة حكم شمولية بما فيها نظام القذافى (فطن العكروت) وضحك ضحكته الخبيثه مرة ثانية ليتسأل (طيب وايش حد السؤال هذا) اى الى ماذا ترمى (ونهار بوك اسود). اعاد الصحفى السؤال فما كان جواب الهرطاق الا ان جميع الشعوب العربيه متخلفه. مرة اخرى اتسأل من المسؤل عن تخلف هذه الشعوب ان لم يكن للحكام مصلحة بتخلفها ؟ وانه اى القذافى احسن من يطبق معنى التخلف لانه يجسده ويحسن إستخدامه كسلاح ضد شعبه !
عن كيفية كتابته لكتابه الاخضر ومن اين استقى افكار نظريته اجاب بأن استخلصها من تجارب الشعوب الاخرى ومن (الايحاء) اى ان هناك من يوحى اليه, ليرقى بنفسه الى منزلة الرسل. لعنة الله عليه دنيا واخرى. وان افكار الكتاب الاخضر ايضا مستوحاة من بنات افكاره التى يبدو انها بنات حرام غير شرعيه وغير عذروات ثيب واقل ما توصف بها انها افكار شمطاء كوجهه الذى يشبه وجه اى عاهره من الغابرين امتهنت البغاء ولامد طويل..
سؤال اخر تطرق الى موضوع الدستور لانه هناك حراك فى ليبيا نحو كتابة الدستور اجاب بأن الدستور ليس شريعة المجتمع وانما الدين الذى لا يتغير كون الدستور متغير لذا فهو ليس بشريعة له ولكن ( وهنا يناقض نفسه) سيكون لليبيا مرجعية وليس دستور. والمرجعيه تستند على ان الدين ووثيقة حقوق الانسان وسلطة الشعب هن المعول على هذه المرجعية التى لا يعلم الا الله متى يسكتب لها الولادة رغم أيماننا بأنها ستكون مشوهه لولادتها من رحم معطوب.
اضحكنى هذا السؤال: اليوم وبعد 30 عاماً ما مدى نجاح النظرية ؟ وكتعليل من القذافى لإخفاق ممارسته توجهاته ونظريته رمى العيب على الشعب الليبى المتخلف والجاهل وعلى مستواه الذى لا يتناسب مع نظرية ممارسة السلطة لانه يفتقد المعرفه. فكيف بالله يدعى مُسبقاً بأن الشعب يمارس سلطته ويتبجح بأن الشعب الليبى لديه تجربة فريده والسطلة فى ليبيا مثل (الكناسه) مرميه فى الشارع والشعب عازفً عن ممارستها ؟ باهى ليش ؟ افيدونى بالله عليكم.
بسؤال ذكى من قبل المحاور الذى تسأل عن عدم وجود من يمثل السلطة الدينية بليبيا فى شخص المفتى او من يمثل السلطة الدينية. ما اراد المحاور قوله إذا كان الدين شريعة المُجتمع فكيف لا يوجد من يمثل هذه الشريعة ليصبح مرجعيه لها ؟ جواب الهرطاق كان باللف على جزر دوران عقله لينتقل من فصل الدين عن السلطة بطريقة غير مقنعه وغير منطقيه الى التطرق الى العائلة السنوسية (الكريم والشريفة) على حد قوله.. وليقع صريع تناقضاته مرة اخرى بسؤال لاحق عن كيفية نظرته الى النظام الرأسمالى خصوصاً فى ظل المشاكل الاقتصادية العالمية ؟ طبعا لف ودار ليصل الى ان القوميات انهت الانظمة الدينية. السؤال هنا اذا السلطة الدينية اثبتت عدم فحواها وجدواها لماذا يجعل من الشريعة مرجعية الدولة الاولى لكى يتم القضاء عليها بوسيلة من الوسائل او بطريقة من الطرق فى المستقبل ؟ ايضاً ونفس الموضع هل تختلف البروليتاريا الرأسمالية التى تحكم الدول الغربية عن طبقة البروليتاريا البتروليه التى تحكم ليبيا ؟
بخصوص الرئيس الامريكى اوباما, القذافى يرى بأن امريكا الوِحشه لابد ان تتغير, كسياسه اعلن عنها الرئيس الامريكى وان التغيير هو السبب فى إختياره. ليصل الى قول ان الذى يتعامل مع امريكا لابد ان يكون احد اثنين: خائف لذا فسيتودد ويتذلل وينافق ويتملق او طامع فقير للحماية او للثروه الامريكيه ولمساعداتها وهذا الاثنان منافقان. السؤال هنا هو ايهما حين التجأ الى امريكا وتذلل لها ونافقها وتملقها وانبطح ايضاً ؟ غريب امره بفضح نفسه.
فكرة اسراطين كانت قمة المُتناقضات حين اصر على ان فكرته هى الحل المنطقى والتاريخى والواقعى ولا بديل لها. عقِب هذا الكلام سؤال من المحاور جعل القذافى يقع بشر اقواله حين سأله حول إذا ما وجهت له الدعوة لطرح مبادرته بالقدس كعاصمة الدولة الواحده ؟ ضحك القذافى ضحكته التى تنم عن تورطه ليقول ولماذا اذهب وليقول بالحرف الواحد : لما تقوم ستكون مثل السم المخلوط بالعسل !! اى انها لن تقوم فلماذا يطرحها ويصر عليها ؟
اخر الاسئلة بفضل الله كانت من اين له بالوقت الكافى ليقوم بالكتابة ؟ طبعاً جوابه كان الامتع حيث ذكر انه منذ عام 1977 وهو طاير من عينه النوم ايقرطع فى القهوه ويخريط علينا, الله لا يربح صفيه اللى تطيب له فى القهوه… والامتع انه بنهاية اللقاء طلع كذاب حيث بدا فى المزايده بحياة الصحراء والتصحر وانه يعيش بالخيمه فما كان من الصحفى الا القفز بتكذيبه بطريقة مؤدبة وذكيه حين قال بأنه كان يتوقع ان يتم اللقاء بالخيمة فما كان من مسيلمة الكذاب الا تدارك كذبته وذكر بأن الجو ريح وهواء… الهواء هوايا….
لقاء يجعل من يتابعه يدرك بأن ليبيا هى جماهيرية البلاغة والفصاحة وانها قد بلغت اوج مجدها بالهرطقة حين يكون على رأسها كبير الهرطاقة وأن ارض الواقع بالفساد المستشرى بها اكبر دليل يدينه…
وطنى 100
2009-06-21